تبدأ القصة عندما تواصل معي مريض عزيز من ليبيا الشقيقة، مريض لا يمتلك سوى كلية واحدة، وكانت حالته معقدة للغاية بسبب ضيق شديد في الحالب. كان المريض يعاني من تركيب دعامات شهرية، والتي كانت إما تسقط أو تتوقف عن العمل. قرر المريض التواصل معي ليطلب إجراء جراحة ترقيع للحالب لحل المشكلة نهائيًا.
المعاناة تبدأ من الحدود
المعاناة بدأت عندما كان المريض في طريقه إليّ عبر معبر السلوم، حيث توقفت الدعامات وتعرض لانقطاع بولي استمر 14 ساعة وهو في الطريق. كنت شديد القلق على حالته، حتى وصلت لمرحلة نصحته بالعودة إلى ليبيا حفاظًا على صحته، لكنه أصر على القدوم رغم الظروف الصعبة.
لحظة وصوله وإسعاف الحالة
عندما وصل المريض إليّ، كان الوضع حرجًا جدًا، فكان لابد من التدخل الفوري. تم وضع أنبوبة كلوية لتصريف البول، ما ساهم في تخفيف الضغط على الكلية. وبعد مرور أربعة أيام، تم إجراء جراحة معقدة لتوسيع حالب الكلية.
تحديات جديدة بعد الجراحة
لكن الأمور لم تسر بسهولة؛ بعد 10 أيام من الجراحة، سحبت الأنبوبة الكلوية بشكل غير متوقع، ونتج عن ذلك نزيف بولي وتجمع دموي في الكلية، ما أدى إلى انقطاع البول مرة أخرى. اضطررت لإجراء منظار كلى في الساعة 3 فجرًا لتفريغ النزيف البولي، واستمرت العملية لمدة 4 ساعات.
النهاية السعيدة
بحمد الله، خلال العملية بالمنظار، تبين أن الحالب قد اتسع بشكل ممتاز بعد الجراحة. تم رفع الدعامة من الحالب، وترك المريض تحت الملاحظة لمدة 3 أيام بدون دعامات. وبعد هذه الفترة، كان المريض في حالة جيدة جدًا، وتمكن من العودة لحياته الطبيعية دون أي مشاكل.
لحظة مؤثرة
تذكرت جيدًا تلك اللحظة المؤثرة عندما خرجت لأخيه، الذي كان طبيبًا زميلًا، وأخبرته بأن الأمور قد تحسنت، فانهار بالبكاء وعانقني في مشهد جعل كل من كان حولنا يدمع من فرحته.
العودة إلى الحياة الطبيعية
بعد كل هذا الجهد، دعاني المريض لتناول وجبة ليبية تقليدية تُسمى “المبكبكة” تعبيرًا عن امتنانه. واليوم، عاد إلى ليبيا بسلامة واستعاد حياته الطبيعية بدون الحاجة إلى الدعامات.
تأملات في الرحلة
هذه الحالة تذكرني دومًا بأن مهنتنا مليئة بالتحديات الصعبة، لكنها تحمل في طياتها لحظات عظيمة من الفرح والانتصار. النتائج أحيانًا تكون فوق التوقعات، ولا يمكن تفسيرها إلا بأنها ستر من الله.
